أحبتي في الله ، نحن في شهر رمضان المبارك ، شهر الصيام والقيام والتقرب إلى الله تعالى بالطاعات والأعمال الصالحة . والصيام هو عبادة عظيمة ، وركن من أركان الإسلام ، وفرض على كل مسلم بالغ عاقل قادر على تحمله . والصيام هو التعبد لله تعالى بإمساك عن المفطرات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس ، مع النية الصحيحة .
الصيام هو أحد أركان الإسلام الخمسة ، وهو عبادة خاصة بين العبد وربه ، لا يشارك فيها أحد غيره . قال تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة: 183]. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " كل عمل ابن آدم له إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به " [رواه البخاري ومسلم] .
فما هي فضائل الصيام وفوائده؟
- من فضائل الصيام أنه يزيد من التقوى ، والتقوى هي مراعاة حدود الله والوقاية من معصيته . فالصائم يترك شهواته وطعامه وشرابه من أجل رضا ربه ، ويحافظ على لسانه وبصره وسمعه وجوارحه من كل ما يغضب الله . فبذلك يتقرب إلى الله ويزكي نفسه من الذنوب والخطايا .
- من فضائل الصيام أنه يغفر الذنوب ويكفر السيئات . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه " [رواه البخاري ومسلم]. وقال : " الصوم جُنّةٌ مِنَ النّارِ كجُنّةٍ مِنْكُمْ مِنْ حديدٍ " [رواه الترمذي] . فالصائم يحصن نفسه بالصوم من شرور الدنيا وعذابات الآخرة .
- من فضائل الصيام أنه يورث الفرحة في الدنيا والآخرة . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " وللصائم فرحتان يفرحهما : إذا أفطر فرح بفطره ، وإذا لقي ربه تبارك وتعالى فرح بصومه " [رواه البخاري ومسلم] .
ولكن هناك بعض المفطرات التي يجب أن نحذر منها ، ونتجنبها ، لأنها تُبطل صومنا ، وتُفسد أجرنا ، وتُوجب علينا القضاء والكفارة في بعض الأحوال . فما هي هذه المفطرات ؟ وما حكمها ؟ وكيف نتعامل معها ؟ هذا ما سنتناوله في هذه التدوينة بإذن الله تعالى .
أولاً: مبطلات الصيام المتفق عليها
هذه هي المفطرات التي اتفق عليها جمهور العلماء من المذاهب الأربعة ، ولا خلاف فيها . وهي كالتالي :
1- الجماع : وهو أشد المفطرات خطورة ، وأعظمها إثماً . فمن جامع زوجته أو زوجه في نهار رمضان عمداً مختاراً، فقد بطل صومه ، سواء أنزل أو لم ينزل . وعليه التوبة من ذلك ، وإتمام صوم يومه ، وقضاء يوم آخر مكانه ، وإخراج كفارة مغلظة . والكفارة هي : إطعام ستين مسكيناً ، أو صيام شهرين متتابعين ، أو عتق رقبة .
2- الاستقاءة: وهي التكلف في القيء ؛ بتعمد إخراج ما في المعدة . فإذا تقيَّأ الصائم عمداً فقد بطل صومه، سواء خرج شيء من فمه أو لم يخرج . وعليه قضاء يوم آخر مكانه . أما إذا تقيَّأ سهواً أو غلبه القيؤ فلا شيء عليه .
فوائد الصيام على الصحة
الصيام هو عبادة إسلامية تقوم على الامتناع عن الطعام والشراب والشهوات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس لمدة شهر رمضان كل عام. ولكن هل تعلم أن الصيام له فوائد صحية عديدة تتجاوز الجانب الروحي والأخلاقي ؟ في هذا المقال سنستعرض بعض هذه الفوائد التي أثبتتها الدراسات العلمية والتجارب الطبية .
- فوائد الصيام على الجهاز الهضمي : يساعد الصيام على راحة الجهاز الهضمي وإصلاح أعطابه ، وذلك بإعطاء فرصة للأمعاء لامتصاص المواد المتبقية من الطعام والتخلص من النفايات السامة التي تسبب اضطرابات مثل الإمساك والإسهال والغازات والقولون العصبي . كما يحسن الصيام من وظيفة الكبد في تنقية الدم من السموم والفضلات ، ويقلل من خطر تكون حصوات في المرارة أو إلتهابها .
- فوائد الصيام على مستوى سكر الدم : يساهم الصيام في تنظيم مستوى سكر الدم وزيادة حساسية خلايا الجسم للأنسولين ، وهو هرمون يساعد على نقل السكر من الدم إلى الخلايا لإنتاج الطاقة . وبذلك يقلل الصيام من خطر الإصابة بالسكري من النوع الثاني ، ويحسن من حالة المصابين به . كما يؤدي انخفاض سكر الدم إلى تحفيز إفراز هرمونات أخرى مثل جلوكاغون وأدرينالين ، التي تساعد على استخدام مخزونات الدهون في الجسم كمصدر بديل للطاقة ، مما يؤدي إلى خسارة الوزن وتحسين صحة القلب .
- فوائد الصيام على صحة المخ : يعزز الصيام من صحة المخ ووظائفه ، وذلك بتحفيز نشاط خلايا المخ في إنتاج مادة تسمى عامل نوروديرف (BDNF)، التي تحفز نمو وتجديد خلايا المخ ، وتُحَسِّن من التعلم والذاكرة والإبداع . كما يقلل الصيام من التأثيرات التأكسدية والالتهابية التي تضر بخلايا المخ .
تقبل الله منا ومنكم الصلاة والصيام وصالح الأعمال .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق